منصورة عز الدين
في الانتخابات البرلمانية لعام 2000 وصل 17 نائباً إخوانياً إلى البرلمان،
وكانت معركتهم الأشهر في تلك الدورة طلب إحاطة قدمه النائب الإخواني جمال حشمت في
بداية 2001 ضد وزير الثقافة فاروق حسني إعتراضاً على إصدار الهيئة العامة لقصور
الثقافة لثلاث روايات هي: "قبل وبعد" لتوفيق عبد الرحمن، "أحلام
محرمة" لمحمود حامد، و"أبناء الخطأ الرومانسي" لياسر شعبان، وهي
روايات رأى فيها حشمت وزملاؤه من نواب الإخوان خروجاً على الأخلاق والتقاليد،
وتواطأ معهم وزير الثقافة وصادر الروايات الثلاث، بل وأقال المسؤولين عن نشرها وكان
بينهم الروائي الراحل محمد البساطي والرئيس الأسبق لهيئة قصور الثقافة د. علي أبو
شادي.
تابعت كصحفية الأزمة التي عُرِفت بأزمة "الروايات الثلاث" وكتبت
عنها موضوعات عدة، من بينها تحقيق صحفي - نُشر بتاريخ 21 يناير 2001 في جريدة أخبار الأدب- تحاورت فيه مع عدد من نواب الإخوان عن الأزمة ورؤيتهم
لحرية الإبداع وكانت الأجوبة كاشفة جداً إذ أظهرت جهلاً شديداً بمقتضيات الإبداع
الفني ورؤية معادية لحرية التعبير.
محمد مرسي على سبيل المثال، وكان وقتها المتحدث الرسمي باسم الكتلة
الإسلامية بالبرلمان، ذكر ضمن ما ذكر:
"ليس هناك نية لوضع قيود على الإبداع لكننا نبحث عن الثقافة المفيدة!!
وفي حالة وجود إسفاف أو تدني في الأسلوب فلنا أعرافنا وثوابتنا، كما أن المادة
الأولى في الدستور ترى أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة والمادة الثانية تقول إن
الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع"!
وتساءل من أصبح رئيساً لمصر بعد ثورة يناير: "ما معنى الثقافة؟ هل
استخدام ألفاظ السوقة إبداع؟ لا يمكن تحقيق هدف مبدع بوسيلة غير مبدعة. ما حدث
لهذه الروايات وما يمكن أن يحث لغيرها يدخل في نطاق مسئولية نائب مجلس الشعب تجاه
الأمة! طلب الإحاطة لم يرق لمستوى السؤال أو الاستجواب، هو يحيط الوزير علماً بأن
هناك روايات صدرت بها كيت وكيت والوزير قال بنفسه أن ما بها يعف اللسان عن ذكره. نحن
نريد الإبداع الذي يصب في خلق شخصية وطنية قويمة. كما أننا لسنا ضد أحد بعينه، ولم
نعقد صفقة مع أحد، ولا نهدف لعمل "فرقعة". فقط نريد لبلدنا أن تأخذ
دورها!"
وواصل مرسي: "كون أن هناك ضجة، فنحن جاهزون لمد اليد والتحاور، ونزكي
الخطوة التي اتخذتها الحكومة ممثلة في رئيس الوزراء ووزير الثقافة بإقالة علي أبو
شادي (المسئول عن النشر) والمسئولين معه، وإن كنت أؤكد أننا لسنا ضد أبو شادي أو
غيره، لكننا نمارس دورنا في الرقابة على الأداء الحكومي كأعضاء بمجلس الشعب، وهذا
ليس تحدياً ولا رغبة في إحراج النظام، وإذا كانت القلة الغاضبة التي تطلق على
نفسها لقب المثقفين تتصور أن كتابات مثل هذه يمكن أن تتكرر وأننا سنسكت عليها
فسيسمعون منا الكثير"!!
وحين سألته عن سبب هذا الفزع من رواية خاصة بالنظر لارتفاع نسبة الأمية
وعدم شيوع عادة قراءة الإبداع بين المتعلمين، أجاب: "سوف أخبرك بشيء، أمامي
وسائل ثقافة كثيرة جداً وأنا بشر لي حدود فكلما وقعت عيني أو يدي على شيء ووجدت
أنه غير مضبوط أقوم بإصلاحه دون أن يقول لي أحدهم لماذا تكلمت عن كذا وتركت كذا. هناك
شباب كثيرون بالجامعة يقرأون هذه الأعمال للتسلية. لو هناك ألف شاب سيتم إفسادهم
يجب أن "نلحقهم". الألف يستحقون ذلك لأنهم ألف أسرة في المستقبل! الزواج
صعب والبطالة متفشية، والشباب يشاهدون أفلاماً وأشياء في الفضائيات غاية في
الابتذال، لكن تلك قضية خاصة بالإعلام ولم يأت دورها بعد!! هل رأيت أفيشات فيلم
"""" """""سوق المتعة"؟ بالذمة دا كلام؟"!!
أما القيادي الإخواني أكرم الشاعر فقال لي:" سنطارد الفساد في أي مكان"،
وحين سألته هل مشهد في رواية يعتبر فساداً؟ أجاب: "الفساد كل لا يتجزأ. مشهد
في رواية أو غيره. ليس هناك فساد أهم من آخر نحن نعاني من الفساد في معظم الأشياء،
لكن الكتب والإعلام شيء أساسي في صياغة الفرد والمفروض على من يكتب كتاباً أن
يعرفني من خلاله أن العدو الأساسي لنا هو إسرائيل. ما المشكلة في حذف مشهد مادامت
الرواية جيدة؟"!!
أغرب التصريحات كانت من النائب الإخواني علي فتح الباب الذي قال إنه لم
يقرأ الروايات الثلاث لكن قيل له أن فيها مشاهد فاضحة!!