جهينة خالدية
تخيلات كثيرة، أحلام غرائبية، تأملات في
تشكيلات السحب.. وآلام لا تسكنها أحياناً إلا إغماضة الجفون، مخايلة قلعة معلقة
بين السحب أو غياب عن الوعي.
شخوص منصورة عز الدين يعيشون في أخيلتهم
وينسجونها من حكايا بعضهم البعض. كاميليا تحكي لآدم وتحلم بالكاتبة الروسية أولجا،
أولجا تحكي قصة كاميليا وتلهث خلف آميديا.. ساندور يعيش في عالم أولجا ويغرق في
هواجسه وفي ماضيه.. آدم كوستاكي يحدس بكاميليا.
في أخيلة الظل تقدم عز الدين رواية تجريبية
جديدة، "نوفيلا" كما تسميها في حوارها المصور مع "بوابة
العين": "نوفيلا قائمة على لعبة افتراضات وتخيلات وهي أشبه باستثمار
لأحلام اليقظة ولعبة ظلال، واختراع شخصيات وخلق علاقات متبادلة بينها ومن خلال كل
هذا تناقش الرواية أفكار عن الفن والرواية والكتابة".
تقول عز الدين "عندما بدأت بكتابة
أخيلة الظل، ظننت أنها بعيدة عن كل مشكلات الواقع العربي في هذه السنوات وكانت
كرئة أتنفس منها أثناء الكتابة، ولكنني فوجئت أن الآلام التي تشهدها المنطقة تظهر
بطريقة مراوغة في أحداثها ومن خلال شخصياتها المتخيلة لأكتشف أنها تسكنني".
لغة منصورة ولمساتها السردية حاضرة في كل
صفحة. هي التي اتقنت المزج ما بين الخيال والواقع والقفز فوق الأزمنة وبين الأمكنة
المختلفة، وهي التي أغرتها ألعاب السرد وامتهنتها.
عز الدين التي تدخلنا في عملها في متاهات
لن نحبذ الخروج منها، نضيع فيها ونتواجه مع خساراتنا ووحدتنا وغربتنا عن نفسنا وعن
محيطنا.. في "أخيلة الظل" نلاحق ظلالنا وندفع بخيالنا داخل أخيلة شخصيات
أخرى.. نعيش تبديدهم لذكرياتهم وخوفهم لنكتشف أنه خوفنا. هكذا بلا جهد كبير، نتقمص
شخوصاً أخرى، ونطلق العنان لمخيلتنا محاولين تنبأ خطوة منصورة التالية.. كيف سترسم
حياة جديدة لشخصيتها تلك؟ كيف ستضعها هناك في حديقة براغ وتجعلها تنطق بآلام
الماضي.. من هو الكاتب الحقيقي ومن هي شخصيته المفترضة؟ نسأل ونلهث خلف الأحداث
بحثاً عن الأجوبة، نجدها أحياناً ونفتقدها في أحيان أخرى ونحن نتأمل منصورة عز
الدين تهدم كل سيناريو متوقع حاولنا رسمه معها.
ظلال رواية عز الدين ستلاحقنا لفترة ليست
بقصيرة، وستلاحقنا قناعة آدم أن "الظل مرآة يرى الضوء فيها وجهه ممعناً في
غيابه" وإدمان كاميليا على الاختباء خلف الكلمات "بحماقة لا تتنازل
عنها، كانت ترغب في الاختباء خلف الكلمات، في اختراع عوالم وخلق حيوات وأقنعة
تتخفى وراءها وتموه على مخاوفها وأشباحها.. بالنسبة لها لا صحبة أجمل من صحبة
الشخصيات المتخيلة".
نقلاً عن بوابة العين الإماراتية
No comments:
Post a Comment